جلست أخيراً لأشاهد فيلم Bird Box على سينما كلوب يغمرني شعور بالتردد والخوف من أن يخيب أملي، فمع طاقم الممثلين الرائع أبرزهم ساندرا بولوك وجون مالكوفيتش، تساءلت هل ستتمكن نيتفليكس حقاً من تقديم شيء يستحق هذه الأسماء الكبيرة؟ وخاصة مع مبادرتها لإصداره في دور السينما قبل صدوره عبر الشبكة سعياً منها (وفقاً للشائعات) لحصولها ربما على ترشيحات في الأوسكار. ويسرني أن أقول لكم أن الفيلم ينجح بالارتقاء إلى مستوى التطلعات.
بالنسبة إلي كشخص يحب أفلام البقاء بشكل خاص، يمكنني القول أن Bird Box يقدم كل العناصر المطلوبة ليكون فيلم بقاء وتشويق بالكامل، يخطف أنفاسك منذ اللحظات الأولى، بالرغم من الإخراج الذي يعتمد على لقطات الفلاشباك التي لربما تسرق القليل من التشويق لأنك تعرف مسبقاً أنها على سبيل المثال نجت من الهجوم الأول لتلك المخلوقات الغامضة.
ومع ذلك يعتمد الفيلم بالكامل على الغموض الذي يكتنفه ليحافظ على عنصر التشويق على مدار ساعتين كاملتين، بشكل يذكرنا كثيراً بأفلام مثل A Quite Place، فهو لا يشرح لنا إطلاقاً كيف ومن أين أتت هذه المخلوقات، أو كيف تعمل ولماذا جاءت، حتى أننا لا نراها إطلاقاً ولا نحصل على أكثر من تلميح مرسوم حول شكلها بشكل عابر وسريع، في الوقت الذي يركز فيه الفيلم على رحلة الأبطال ومحاولتهم البقاء على قيد الحياة يوماً بيوم. لكن كان التشويق حقيقياً لدرجة أني شعرت للحظات بالخوف من أن تقع عيناي أيضاً عليها في بعض المشاهد المحددة التي لن آتي على ذكرها تفادياً للحرق.
يأتينا الفيلم مبنياً على رواية تحمل الاسم نفسه للمؤلف الأمريكي جوش ماليرمان والتي صدرت في 2014، ومن إخراج سوزان باير التي اشتهرت بإخراج مسلسل The Night Manager. وهو يروي قصة مالوري (التي تلعب دورها ساندرا بولوك) التي عليها أن تنطلق في رحلة صعبة على النهر معصوبة العينين مع طفليها الصغيرين لتصل إلى منطقة آمنة من أياً كان هذا الشيء الذي يهدد البشرية، والذي إن وقعت عليه عيناك سيجعلك تقدم على الانتحار بلا أي تردد.
ثم يتنقل الفيلم ببين الزمن الحالي ولقطات فلاشباك منذ خمس سنوات سابقة لحظة بدء نهاية العالم هذه، عندما كانت مالروي امرأة حامل مصابة بقلق كبير بأنها لن تتمكن من الارتباط عاطفياً مع طفلها، (احذر من حرق خفيف تالياً) والتي لم تساعدها كارثة نهاية العالم على تطوير عاطفتها الأمومية خاصة عندما تضطر إلى الاعتناء بطفلة أخرى ليست ابنتها، لدرجة أنها لم تطلق أية أسماء عليهما حتى بعدما بلغا 5 سنوات، حين لا زالت تطلق عليهما: صبي وبنت، بل حتى أنها تضطر لمعاملتهما بقسوة أكثر بسبب الكارثة وخشيتها من أن يقعا فريسة أحلام لا يمكن تحقيقها لحياة أفضل. (انتهى الحرق).
يساهم انعدام الحالة البصرية لديهم بإضفاء سيناريو بقاء مثير للتوتر. ومع تقدم الفيلم تكتشف أن هناك أكثر من عدو واحد (احذر من الحرق تالياً) حيث أن لعنة هذه المخلوقات لا تصيب الجميع، فكل شخص مصاب بالجنون لن يقوم بقتل نفسه بل سيصبح أداة أخرى في يدها لإجبار من بقي على قيد الحياة على فتح عينيه على وسعهما لرؤية هذا الشيء "رائع الجمال" وفقاً لما يقولونه. بل أنهم يزدادون ذكاءً وإبداعاً للقيام بهذه المهمة، مما يضفي عنصر بقاء آخر يزيد من صعوبة النجاة لدى أبطالنا. (انتهى الحرق).
قد لا تكون فكرة الفيلم جديدة أو مبتكرة، بل أننا رأينا سيناريو نهاية العالم هذا في العديد من أفلام الرعب والبقاء الحديثة مثل A Quite Place وسلسلة Cloverfield، كما أنني للحظات شعرت أنهم كان باستطاعتهم استغلال التكنولوجيا الحالية بالعديد من الطرق للتعامل مع هذه المخلوقات بشكل أفضل، إلا أن الإخراج الرائع والمثير للتوتر وطاقم الممثلين النجومي الذي تمكنت نيتفليكس من إضافتهم إلى هذا السيناريو ينجح في حمل وطأة الفيلم من بدايته وحتى نهايته بأدائهم المتألق، ابتداءً من ساندرا بولوك وجون مالكوفيتش، ووصولاً إلى تريفانتي رودز (من فيلم Moonlight) الذي يشارك بولوك البطولة، والممثل بي دي وونغ (وإن كان لدور قصير نسبياً) وسارة بولسون (لدور أقصر أيضاً).
لذا إذا كنت تتوقع الجلوس لمشاهدة Bird Box ورؤية شيء مبتكر لم تر له مثيلاً من قبل فستخرج مصاباً بالخيبة، وإن كنت ستشاهده متوقعاً رؤية فيلم رعب صرف فسيخيب أملك أيضاً، لكن إذا كنت ستشاهده من دون أية توقعات مسبقة مشدوداً بالرغبة لمشاهدة فيلم مليء بالإثارة والأدرينالين مع طاقم ممثلين رائع وأداء متألق فستخرج راضياً بكل تأكيد.
مشاهدة الفيلم من هنا
تعليقات
إرسال تعليق